تصنيع السيارات: رئيس بورصة المناولة للغرب الجزائري يوضح تفاصيل الإستراتيجية الحالية للنهوض بالقطاع

تاريخ النشر : 2025-08-18

في حوار له مع موقع خبر برس، قدّم رئيس بورصة المناولة والشراكة للغرب الجزائري، السيد رشيد بخشي، تفاصيل وأهداف الإستراتيجية الجديدة الرامية إلى تحريك قطاع تصنيع المركبات في الجزائر، متطرقاً إلى المستجدات التي يعرفها القطاع وأبرز الأهداف المستقبلية المنتظرة.

وكشف السيد بخشي أنه منذ تنصيب الوزير الحالي في ديسمبر الماضي، لوحظت ديناميكية جديدة ورؤية أوضح، إذ تم اعتماد مقاربة تقوم على أساس أن صناعة السيارات في الجزائر يجب أن تُبنى على الكفاءات الوطنية، مع اعتماد إدماج تدريجي للمكوّنات المحلية.

وأوضح أن "السماح باستيراد سيارات أقل من ثلاث سنوات كان قراراً ظرفياً لتنظيم السوق وتلبية الطلب، لكنه لم يكن الهدف الإستراتيجي"، مؤكداً أن "الرهان الحقيقي يظل التصنيع المحلي".

كما كشف أن بورصة المناولة قامت بإعداد بطاقية وطنية للمناولين في مجال قطع الغيار، مشيراً إلى أن هذه البطاقة ليست مجرد إجراء إداري بل وثيقة إستراتيجية توضّح قدرات كل متعامل وتسهّل التواصل بين المصانع والموردين المحليين. وأضاف: "إنها بمثابة خريطة طريق حقيقية للمستثمرين، سواء الجزائريين أو الأجانب".

وأكد بخشي أن "الرسالة واضحة: السوق الجزائرية لم تعد مفتوحة لاستيراد السيارات الجاهزة كما كان في السابق"، مشدداً على أن "أي شركة أجنبية ترغب في التواجد والمنافسة عليها أن تستثمر داخل الجزائر، وتنقل جزءاً من التكنولوجيا وتساهم في تكوين اليد العاملة".

وأشار إلى أن هذه السياسة "ليست مجرد غلق للاستيراد، وإنما إستراتيجية تهدف لبناء صناعة حقيقية قادرة على خلق آلاف مناصب العمل". وأضاف: "نحن نتصور أن هذا التوجه سيؤدي إلى إنشاء صناعة متكاملة، حيث ستعمل عدة مصانع في وقت واحد، وستظهر شبكة واسعة من المناولين المحليين، والأهم أن هذه السياسة ستفتح الباب أمام تراكم الخبرات، إدماج التكنولوجيا الحديثة، ورفع قدرات المهندسين الجزائريين".

وفيما يتعلق بجدول الإدماج الوطني، أوضح بخشي أنه "ليس مجرد رقم يُسجل على الورق أو نسبة تُفرض على المصنعين، بل آلية حية قابلة للتطوير المستمر"، مبرزاً أن الفكرة تقوم على مراجعة هذا الجدول كل ستة أشهر ليتماشى مع التحولات الجديدة في السوق ومع وتيرة نمو الكفاءات الوطنية.

وقال في هذا الصدد: "نحن لا نريد تكرار تجارب أوروبية أو آسيوية بشكل آلي، بل نسعى إلى بناء معايير محلية منسجمة مع واقعنا الاقتصادي والتقني. ومن أجل ذلك، تم إنشاء لجنة تقنية متخصصة، إلى جانب لجنة خبراء أعلن عنها وزير الصناعة مؤخراً، وهي بمثابة العقل المدبر لهذه العملية، حيث ستتكفل بوضع مقاييس دقيقة ومتابعة مدى احترامها ميدانياً. الهدف النهائي هو الوصول إلى صناعة واقعية ومتدرجة تعكس الإمكانات الحقيقية للبلاد".

أما بخصوص اللجنة التقنية الاستشارية التي تم إطلاق استشارة بشأنها مؤخراً لمتابعة ملف صناعة السيارات، فقد أكد بخشي أنها تُعتبر "حجر الزاوية في مسار ضبط وتنظيم صناعة السيارات بالجزائر"، موضحاً أنها "ليست لجنة استشارية فقط، وإنما جهاز عمل فعلي يجمع بين خبراء الصناعة، المهندسين، وممثلين عن المناولين والمصانع. مهامها الأساسية تتمثل في صياغة مقترحات مرنة ودقيقة تراعي خصوصيات السوق الجزائرية، وتحديد نسب الإدماج بشكل واقعي، مع التوصية بتطبيقها عملياً داخل المصانع".

وأضاف أن اللجنة ستعمل كذلك على "اقتراح متابعة تطور البطاقية الوطنية للمناولين، وضمان التزام كل مصنع أجنبي بإشراك الموردين المحليين في سلسلة الإنتاج"، مشيراً إلى أنه "من المنتظر أن تقترح اللجنة أيضاً آليات جديدة لتشجيع البحث والتطوير (R&D) في مجال الميكانيك والسيارات، حتى لا نكتفي بالتركيب فقط، بل نصل تدريجياً إلى مرحلة التصميم والابتكار". وأوضح أن اللجنة سترفع مقترحاتها لوزارة الصناعة، ما سيحدد ملامح الخطوات المقبلة في ملف التصنيع.

وبشأن أثر هذه السياسة على الاقتصاد الوطني، أكد بخشي أن "الأثر سيكون واضحاً وملموساً، فصناعة السيارات تُعتبر صناعة هيكلية قادرة على تحريك قطاعات أخرى مرتبطة بها. على سبيل المثال، مصنع واحد قادر على خلق حوالي 2000 منصب شغل مباشر، إضافة إلى مئات المناولين الذين سيزودونه بالمكوّنات". وأردف: "في السابق كنا نتحدث عن خمسة أو ستة مناولين فقط في مجال السيارات، أما اليوم فقد تجاوز عددهم 90 مناولا معتمداً، وهذا تطور كبير جداً".

وأضاف: "الأثر الاقتصادي لن يكون فقط في تقليص فاتورة الاستيراد، وإنما أيضاً في خلق قيمة مضافة محلية، وتطوير البحث العلمي والتكنولوجيا، وتعزيز الابتكار داخل البلد. نحن نراهن على أن هذه السياسة ستُحدث تحولاً حقيقياً في بنية الاقتصاد الوطني".

وكشف رئيس بورصة المناولة أن الهدف هو رفع نسبة الإدماج في مصنع فيات لتتجاوز 10 بالمائة مع نهاية 2025، مضيفاً: "هذا ينسجم مع تصريحات رئيس الجمهورية الذي شدد على أن الاستيراد لا يمكن أن يستمر إلا إذا كان موازياً لوجود صناعة قائمة بالفعل".

وفي ختام حديثه، أكد بخشي: "نحن نشتغل اليوم بمنطق اقتصادي جديد، قوامه المردودية والكفاءة، وتحقيق إيرادات معتبرة من الصناعات التحويلية. المرحلة المقبلة ستتطلب التزاماً جماعياً أكبر، يجمع بين الدولة، المصنعين، المناولين، والباحثين، من أجل تقديم منتج جزائري بمعايير دولية لأجزاء وقطع غيار السيارات. الطموح لا يتوقف عند تلبية السوق المحلية، بل يتجاوز ذلك نحو التصدير والمنافسة في السوق الإقليمية والدولية".


#تصنيع السيارات # بورصة المناولة والشراكة للغرب الجزائري
أخبار السيارات

أخبار أخرى